البوابة الصحيحة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الغاية الواحدة دوماً تكون لها وسائل عدة لتحقيقها، وطرق عدة لسلكها، وأبواب عدة لطرقها، ولكن لابد لاحدى هذه الوسائل والطرق والبوابات أن تكون الأصح والأسلم، اذ لا تكون الغاية يوماً تبرر الوسيلة، وليس شرطا أن يكون الطريق الأقصر هو المنشود، والبوابة الصحيحة هي التي تفتح الآفاق البعيدة المدى وتمكن الانسان من النظرة الشمولية للأمور.

الاصلاح السياسي في الكويت، غاية منشودة بإلحاح اليوم، وقد تناولها الساسة والأكاديميون بالبحث والتحليل، سعياً لايجاد مخرج من الأزمات المتكررة التي باتت البلاد تعاني منها، فقد بات الخلل مشخصاً ولكن نحتاج الى دواء فعال ذي نتائج ملموسة، فلم تعد تكفي الاسعافات الأولية والتضميد المتكرر بل أضحى الأمر بحاجة الى جراحة عميقة تنزع الخلل من جذوره.

ان الاصلاح السياسي يحتاج اليوم الى تلك النظرة الشمولية، وذلك الطريق السليم، وتلك الوسائل الناجعة، فالبوابة الصحيحة للاصلاح ضبط كاملالسياسي اليوم وضع الكويت على مسار استراتيجي واضح، تعمل على أساسه السلطة التنفيذية، وتراقبه السلطة التشريعية وتشرع من خلاله، لوضع حد للتخبط الحاصل في مسيرة الحكومات وخططها الخمسية، ولجم الشخصانية والانتهازية في العمل النيابي اليوم.

ان هذه البوابة في الاصلاح السياسي شمولية بحيث تكمن خلفها حلول مجمل ما تعاني منه البلاد، فالنظرة الاستراتيجية نظرة شمولية بعيدة المدى ترمق الغاية الأساس فتكون الجهود موجهة لها، والمصاعب تذلل لها والعمل يسير نحوها، ومن خلال الأدوات الاستراتيجية يتم تقييم وتقويم هذا المسار في محطات عدة، لتكون للحكومة نظرة مستقبلية حول ماهية الكويت بعد عشرين عاماً، بل السؤال الأهم ما الذي نسعى أن تكون عليه الكويت في ذلك العام؟

حين يتم ذلك ستكون موضوعات الاصلاح السياسي التقليدية مجرد جزئيات ضمن منظومة كاملة تشكل نظرة لكويت الغد، فحين يكون العمل استراتيجياً يكون عملاً هدفياً، وحينما يكون العمل هدفياً تتوجه كل الموضوعات، والطاقات البشرية، والمادية، والمعنوية الى ذاك الهدف، وبالتالي يسهل معرفة البداية والنهاية والمسار لكل العمليات بما فيها عمليات الاصلاح السياسي.

للأسف الشديد ما زال البرلمان الكويتي يطرح المشاكل ذاتها منذ تأسيسه الى حاضرنا، ومن المتوقع أن يمتد الى المستقبل ان لم يعالج الوضع السياسي معالجة شاملة صحيحة، فقد حان الوقت ليكون لصناع الرأي المتخصصين في هذا البلد صوت مؤسسي مسموع عند صناع القرار، وحان الوقت لنخرج من الحياة الآنية الى التفكير المستقبلي في مصير هذا البلد وأبنائه، لحسن أداء الأمانة للأجيال القادمة.


المقال في جريدة الراي