اغيثوا السنة والشيعة ...


أغيثوا السنة والشيعة...

"سايكس بيكو" المشروع الإستعماري الذي قسم الحدود في الوطن العربي على أسس خبيثة تسهم في النزاع بين الشعوب على عدة اصعدة ، وكان أحد أبرز نتائجه أن زرع الكيان الصهيوني في المنطقة ، وما زالت المنطقة والعالم أجمع يعيش تبعات هذا الزرع الخبيث ، "سايكس بيكو" مشروع فرض فرضًا على الوطن العربي ولم يكن بارادة شعوب المنطقة ، اذ مرَّ في زمن الضعف والإستعمار وإرادة الشعوب المغيبة ..... لماذا هذا الإستحضار لتاريخ مؤلم في التقسيم ؟! لأننا اليوم نعيش في المنطقة مشروع "سايكس بيكو طائفي" خطره يفوق الأول بأضعاف ، اذ سيحقق هيمنة صهيونية استكبارية كامله على المنطقة ، ويرجع الأمة سنين الى الوراء ، فمشاريع التقسيم الطائفية كانت دومًا تستنزف الموارد البشرية والمادية بجنون ، وهي أخطر حينما يكمن خلفها عدو خارجي يتربص بالأمة الدوائر ....

الفرق أننا اليوم لسنا في ضعف وهوان واستعمار ، أننا اليوم رأينا الشعوب تقول كلمتها وتفرض ارادتها ، وإن شاب حراك الثورات ما شابه من ركوب استكباري قد استخدم فيما استخدم للركوب على الثورات مشاريع طائفية ، فنحن اليوم لسنا ضعاف ، ولكننا نضعف أنفسنا في معاونة الإستكبار وحلفاؤه وأدواته في مشاريع التقسيم الطائفي ، فأصبح الإستقطاب الطائفي عنوان المرحلة ، لسنا نخلي طرف الإستكبار وحلفاؤه وأدواته من السعار الطائفي المجنون في المنطقة ، فواقع مؤامرته أوضح من أن يستدل عليه ، ولكن نعتب ونلوم أنفسنا كشعوب وكأمة ، كيف نُساق للصراع الطائفي والمذهبي في اي اختلاف ولو على المستوى الشخصي فضلًا عن السياسي ، اذ لم يعد فقط المفكرين والساسة والمثقفين يعرفون سياسة "فرق تسد" ، بل حتى رجل الشارع العامي يعرف أن هذه السياسة هي لعبة الغرب الأولى في المنطقة ، لماذا هذه الحقيقة تغيب عن وعي الأمة في ابسط الأزمات ، حيث ينبغي أن تحضر !!.... 

مشاريع "سايكس بيكو الطائفي" تجاوزت جناحي الأمة من السنة والشيعة ، فحتى حينما ساد لون واحد في منطقة ما؛ تزرع فتنة بين هذا اللون تحت عناوين أخرى مثل الصراع الإسلامي العلماني في تونس مثلًا ، فـ "سايكس بيكو الطائفي" لا يقبل بسيادة الوحدة الوطنية أو القومية أو الإسلامية في محل ما في المنطقة ، فهذا يستأصل وجودهم من المنطقة ويُبعد هيمنتهم عليها ، بل وصل الحال في استجابة الأمة لمؤمرات الطائفية الى أن يتقاتل أبناء المذهب الواحد لاختلاف في الموقف السياسي ، وراح ضحيتها علماء وشخصيات .. 

هذا الواقع الذي نعيشه لابد أن نرفضه ونلفض كل اجزاءه خارج جسد الأمة ، ولابد أن نعيش صراعنا السياسي في ميدانيه السياسي فقط ، لابد أن نتنافس في البرامج السياسية دون تحويلها لصراعات طائفية ، وسوريا هي النموذج الذي ينبغي أن يُطرح في هذا المقال ، خصوصا أن انعكاس هذا الصراع في سوريا عمّ المنطقة كلها ، الصراع هناك ليس طائفي مذهبي ، كي نستورده هنا وهناك بلباس طائفي حدي مقيت ، وليس صراع وجود بين طائفتين ، حتى تجيش كل طائفة انصارها في ارجاء الوطن العربي والإسلامي ، خصوصاً أن في كل اتجاه وموقف هناك اطياف مختلفة من المذاهب بل من الأديان كذلك ، الصراع هناك صراع مشاريع وبرامج ، صراع قوى دوليه واقليميه ومحلية ، والإختلاف في اتخاذ المواقف مشروع طالما ظلّ في خانة الإختلاف السياسي ، ولا يتجاوزه الى الاعتداء الجسدي ، بل وحتى الارهاب الفكري والترهيب الإعلامي والديني مرفوض....

الصراع اليوم يبدو لأي مطلع على مجريات الأحداث بوعي هو صراع قوى عالمية ، صراع لتوزيع النفوذ على الساحة الدولية ، صراع لاعادة رسم المجتمع الدولي ، صراع ما بعد عالم القطب الواحد ، صراع يشكل معالم الكرة الأرضية المتعددة الأقطاب ، وهذا ما يسميه الإستراتيجيون بصراع التحولات "الجيواستراتيجة" ، في ظل هذا الصراع الأكبر ليس مقبولا أن تخضع الأمة للصراعات المصطنعة استكباريًا ، فهذه الصراعات المصطنعة تمنع أي دور للأمة في الساحة الدولية مستقبلًا كما منعته في الماضي ، هذه الصراعات المصطنعة تمنع بروز قطبية اسلامية تطرح ارادة شعوبها على المجتمع الدولي ، هذه الصراعات المصطنعه ستذيق الأمة ويلات الوصاية عليها من الأقطاب وتمحو ارادتها لسنين قادمة اذا لم يكن للقرن القادم كله...

فيا أمة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)؛ أغيثوا السنة والشيعة بتوسيع الأفق والصدور لتقبل الإختلاف السياسي والفكري ، أغيثوا السنة والشيعة بوقف الإستقطاب الطائفي الذي لا يخدم الا عدوهم الصهيوني ، أغيثوا السنة والشيعة بوقف علماء السوء اذ بدأوا بالكذب وتزوير الحقائق لصالح التجييش الطائفي ، اغيثوا السنة والشيعة لأن الصراع الطائفي سيستزف البشر والأموال والمشاعر والقلوب ، يا أمة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)؛ قفوا وقفة لله واغيثوا السنة والشيعة من "سايكس بيكو الطائفي" ....