أحــب أفــلاطــون ولــكــن ...!


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرسطو وأفلاطون في صورة تشبيهية



الحقيقة .. مبحث البشرية منذ البداية وإلى النهاية ..
.
اختلف العلماء والفلاسفة في تعريفها وماهيتها وكيفية الوصول لها ..
.
إلا أنها هي هي ..
.
إنها الهدف الإنساني الأسمى ..
.
و مهما اختلفت العلوم واختلفت المعارف إلا أنها تنشد الحقيقة ..
.
يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام " اعرف الحق تعرف اهله "
.
ويقول باب العلوم في حديث آخر " الله الله في مشاركة الناس في عقولهم "
.
ولما أمر الأمير بمشاركة الناس في عقولهم ذلك اقرار بأنه لا أحد يملك الحقيقة إلا المعصوم (ع) ..
.
ومن هنا أتى أمر المشاركة في العقول لأن الحقيقة كالصورة كل منا يعرف جزءا منها ..
.
ونتكامل وتكتمل الصورة بالحوار والجدل العقلي الفكري لا السفسطي ..
.
وبعدها نعرف الحق .. ونعرف أهل الحق .. لنكون مع أهل الحق ..
.
.
ولكن ...
.
.
لابد أن لا نتعصب فيما نتوصل له من ناتج ..
.
ولابد أن لا نتعصب لشخصية معينة ونضع لها قدسية ورمزية ..
.
لتكون هي الحق والحق هي (فهذه صفة المعصوم"ع")..
.
لأننا إن تعصبنا سواء للناتج أو للشخصيات فلن نرى الحق مهما اجتهدنا ..
.
لأن عين الرضا عن كل عيب كليله وعين السخط تبدي المساويا ..
.
يقول الفيلسوف الكبير أرسطو عن أستاذه شيخ الفلسفة " أفلاطون " :
" إني أحب أفلاطون كثيراً، ولكني أحب الحقيقة أكثر "
.
إذًا القدسية والرمزية هي للحقيقة فقط وفقط ..

الحب (عاطفة الشباب)

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الإمام الحسين عليه السلام :
وإن صـافيت أو خاللت خلا .. ففي الرحمن فاجعل من تؤاخي


طرح أحد الأحبة موضوع (عاطفة الشباب) في المنتديات فكانت هناك عدة تساؤلات طرحت ليدور الموضوع في فلكها ، وكانت الأسئلة الثلاث هي كالتالي :

- ما الغاية من عشق الشاب لصديقه ؟
.
- وهل تعتبر عاطفة الشاب جريمة يحاسب عليها القانون ؟
.
- إذا كانت العاطفة شبه غريزة فأين يصب الشاب هذه العاطفة ؟

وللجواب على هذه الأسئلة لابد من طرح تساؤلات أخرى :
.
- ما هي المعايير التي على أساسها يكون حب الشاب صديقه ؟

- وهل العاطفة في العلاقة بين الشاب وصديقة تكفي ؟

- ما هو دور العقل في الموضوع ؟


قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام :

مَا الْتَقَى مُؤْمِنَانِ قَطُّ إِلا كَانَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبّاً لأخِيهِ .

إن الدين الإسلامي هو الحل الأمثل للعاطفة التي أولاها اهتمام كبير ، هذا الكلام ليس تنظيرا بعيد عن الواقع بل هو واقع عايشناه أغلبنا إن لم نكن كلنا ، الحب إلى حد العشق عاطفة ساذجة تودي بصاحبها فهي قد تقوم على أساس الشكل والمظهر لا على الخلق والجوهر ، إذا لابد من وجود معيار للحب والعاطفة ولعل أبرزها ما طرحة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إذ قال : " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما .. و أبغض عدوك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما " .


هذا المعيار الذي طرحة الإمام واقعي أكثر من مسألة الحب الساذج الذي لا قيمة له لأنه وقتي ليس إلا ليشغل المراهق عاطفته الجياشه بلا عقل ، وهي عاطفة غير موجهه وعشوائية وبلا سبب وبالتالي تكون بلا معنى وبلا هدف ، ولابد أن يكون الهدف المحبة والصداقة كما ذكر الإمام الحسين في الحديث المذكور في أول الموضوع أن تجعل في الرحمن من تؤاخي وكفى بذلك هدفا ، إذا العاطفة وحدها لا تكفي ونستنج أن العقل له دور التوجيه لهذه العاطفة ، و يقول الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه (اكتب بقلم العقل على لوح القلب) فلا بد من الإثنين معا العقل والقلب ، الفكر والعاطفة لتكتمل الصورة .


حب الشاب لصديقه لا بد أن يكون على معايير كما ذكرنا ، فكلنا لدينا ثلاث أنواع من الناس (معارف - أصدقاء - إخوة في الله) فالإنسان يمر عليه الكثير من المعارف خصوصا الإجتماعي منهم فهذه علاقة لا معول عليها ، ولدينا العديد من الاصدقاء الذي نحبهم ونحب أن نسامرهم ونلتقي بهم ، ولدينا إخوة في الله وهم الاقل في وجودا حيث الأخ في الله هو الذي عليه المعتمد وهو الظهر والسند فهو كأخ النسب إن لم يكن أكثر في أحيان كثيرة ، والعاطفة هنا في محلها لأنها هدفيه لوجه الله سبحانه وكلما ازدادت المحبة والمودة في الله زادهما الله ثوابا كما اخبرتنا رواية الإمام الصادق عليه السلام ، إن الإخوة في الله هي أرقى علاقة عاطفية عقلانية لانها في الله عز وجل ولوجهه .

نعود للإسلام الحبيب وظاهرا أن العاطفة فيه تنقسم إلى قسمين هما الحب المعنوي والحب المادي ، أما المعنوي فهو حب الله جل شأنه الذي يصل إليه السالكون العارفون الذين عبدوا الله شكرا له وحبا فيه وعرفانا بنعماءه ، وهو حب من نوع خاص قد لا يتذوقه أي شخص وهو طريق متعب لكن يستحق التعب والعناء ، ويعرف ذلك من عاش في هذا الحب فوجد أن كل شيء ما خلا الله باطل ، ومن ثم ننتقل لمرحلة الثانية بالسلم تنازليا فهناك حب في الله لأناس لم ندركهم ولكننا نعرفهم أو بدقه اكثر لسنا بالقرب منهم جسديا ، فمثلا المسلم يحب نبيه محمد - صلى الله عليه وآله وسلم- بل وصل البعض لمرحلة راقية يفدي فيها رسوله بكل ما يملك وهو لم يره ، وكذلك حب آل البيت (عيهم السلام) لا طمعا في ثواب بل لأنهم أهل لهذه المحبة والفداء ، وكذلك محبة أي إنسان رسالي في الله جل جلاله دون مصلحة .

أما الحب المادي فهو واضح جدا فالإسلام نظم النزوة بالزواج المؤقت (ولسنا في مورد شرحه وتفصيله) ، ونظم الشهوة في الزواج الدائم الذي هو أساس المجتمع وهو الأصل الذي يجب أن نفرغ فيه عاطفتنا وعقلنا معا لنكون أسرة صالحة متحابه ليتباهى بنا خير الخلق رسول الله (ص) يوم الدين ، إذًا فالشاب يصب عاطفته في المقام الأول في الحب المعنوي لله عز وجل ويحاول السلوك في هذا الطريق ، ومن ثم الحب في الله في أن نحب نبينا وأئمتنا وعظماءنا ، و في أن تكون عاطفته تميل لاخوه في الدنيا وأصدقاءه لوجه الله ، وحب المرأة التي فطر عليها الرجل والعكس صحيح وكل ذلك يكون هونا ما فخير الأمور الوسط .

تصميم الأخ العزيز (هادي بن نخي)

هاجس الحل عائق التنمية

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.
منذ فترة ليست بالقصيرة توقفت عجلة التنمية في البلد ، وبات أهل الرأي في الكويت يخافون على مستقبل البلاد من هذه الحالة الشللية في التنمية ، وأصابع الإتهام عادة ما توجه للعديد من الجهات أبرزها الحكومة والمجلس ، وأصبح الشارع الكويتي عليم بأسباب تعطل التنمية في الكويت ولا يحتاج للتنظير في هذه الأسباب بقدر ما يحتاج لترجمة التنظير إلى واقع يطمئن المواطن على مستقبله ومستقبل أبناءه .

مجلس الأمة لعله المتهم الأبرز اليوم في إعاقة التنمية في البلد ، ومنشأ هذا الإتهام للمجلس هو تفشي ذات الأمراض المنتشرة في وزارات الدولة وهيئاتها في مجلس الأمة ، فمنذ حل المجلس عام 2006 يعيش العديد من نواب مجلس الأمة هاجس حل البرلمان وبالتالي عدم العودة للكرسي الأخضر ، وهذا الهاجس له آثاره التي تعيق التنمية .

اليوم نشهد العديد من المزايدات في قاعة عبدالله السالم بطرح قضايا يصطلع عليها "قضايا شعبوية" ، ويعني ذلك محاولة كل طرف كسب الشارع الكويتي ، فإذا طالب طرف بزيادة الرواتب ناشد الآخر باسقاط القروض ، وحين يطالب طرف بعدم ازالة الدواوين يناشد الآخر بتقنينها ، وهكذا تشهد الساحة النيابية الحكومية عدم تعاون بسبب مزايدات باسم الشعب .

هذه المزايدات طفت على سطح المشهد السياسي وغابت مشاريع التنمية والبناء ومشاريع مستقبل الكويت ، وذلك يعود لهاجس الحل الذي يعيشه نائب مجلس الأمة وبالتالي يبدأ النائب حملته الإنتخابية منذ اليوم الأول لدخوله لمجلس الأمة ، فتم إلهاء الشارع الكويتي بمواضيع هامشية على حساب مشاريع تنموية تحقق تقدم للبلاد وتنفذ الرغبة السامية لسمو الأمير بجعل الكويت مركز مالي و اقتصادي عالمي .

إننا اليوم بحاجة لعقلية ومنهجية استراتيجية للدولة ، وذلك لوضع الخطة الإستراتيجية التي تحدد نظرة الحكومة إلى موقع الكويت مستقبلا ، ولابد أن يتم إعادة وزارة التخطيط لترعى هذا المشروع الذي ينهض بالبلد ، ولابد من نواب الأمة أن يساندوا الحكومة في هذا التوجه إن وجد ، لا أن يقبلوا بخطة خمسية لا تغني ولا تسمن من جوع .

لابد لنواب الأمة التخلي عن هاجس الحل والعمل لمصلحة البلد وترك المزايدات التي تعيق التنمية بمشاريع ترضي الشارع في وقت محدد سرعان ما ينتهي لأن الحلول المطروحة هي حلول سطحية لا جذرية تسكن الألم ولا تعالج العلل ، فاعملوا للتنمية وطالبوا باعادة وزارة التخطيط و ألزموا الحكومة بوضع خطة استراتيجية لا تقل عن عشرين عام ، من أجل مستقبل الكويت وكويت المستقبل .

العقيدة المتزلزلة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما خلق الله عز وجل الإنسان ميزه عن سائر المخلوقات بالعقل ، ومن خلال العقل يتعبد الطريق إلى معرفة الله وتوحيده , كما بعث الله جل جلاله الأنبياء والرسل لمساندة العقل وتوجيهه إلى السراط المستقيم ، فكان التكامل بين الناتج العقلي ورسالة الانبياء والرسل حيث هي طريق الإنسان إلى العقيدة السليمة ، بعد ثبوت صدقهم عن طريق المعجزات الإلهية لجأ الأنبياء والرسل للإقناع العقلي لا التلقين في التبليغ الرسالي ، مصداقا لقول الله عز وجل في محكم كتابه الكريم : " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن " (سورة النحل آية 125) .

ويقول تعالى في موضع آخر : " ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة " (سورة البقرة آية 129) وكذلك قال الحق جل شأنه : " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا " (سورة البقرة 269) والآيات الكريمة المذكورة مجرد نماذج على ذكر الحكمة كنعمة من الله جل جلاله ، فهناك الكثير من الآيات التي تضع نوع من التلازم بين الكتاب والحكمة ، أي أن أنبياء الله أوتوا الكتاب والحكمة .

إذا فالحكمة نعمة من نعم الله عز وجل على البشرية تلازمت مع رسالة الأنبياء ، واليوم وباسم الشريعة الإسلامية نسمع دعوة لإلغاء تدريس الفلسفة ، وما الفلسفة إلا الحكمة ، حيث دعت اللجنة العليا لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لمنع تدريس مادة الفلسفة في المرحلة الثانوية ، وعللت دعوتها بوجود مخالفات شرعية بالمنهج ، وناشدت اللجنة وضع بديل مناسب يراعي مستوى الطالب في هذه المرحلة التي تحتاج إلى تثبيت العقيدة وليس زعزعتها حسب وصف اللجنة .

الفلسفة أداة فكرية بيد الطالب يتعلمها للوصول إلى الحكمة ، فلما تحارب الفلسفة وهي تلك الحكمة المنشودة في القرآن و التي من خلالها يتم تثبيت العقيدة لا زعزتها ، فالعقيدة يقين لا يتزعزع إلا إذا كانت تلك العقيدة متزلزلة أساسا ، فمن المعيب أن تكون مناهجنا في المرحلة الثانوية مناهج حشوية تلقينيه تجعل من الطالب مجرد ذاكرة لخزن المعلومات ، بل لابد أن يكون التدريس توعوي يحرك ذهن الطالب ليستنتج الصحيح ويكون المعلم مشرف على هذه العملية ومقومها وفق الأسس العلمية .

يقول ابن رشد : " إن مثل من منع النظر في كتب الحكمة من هو أهل لها ، من أجل قوم من أراذل الناس قد يظن بهم أنهم ضلوا من قبل نظرهم فيها ، مثل من منع العطشان من شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش ، لأن قوما شرقوا به فماتوا ، فإن الموت عن الماء بالشرق أمر عارض وعن العطش أمر ذاتي وضروري " .


بين الفكر الإسلامي والعلمانية

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله جل جلاله : " قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى "


إن الله عز وجل في هذه الآية المباركة اختصر الموعظة الإلهية بواحدة ، وبذلك وجب على الإنسان أن يتعمق وينظر إلى هذه الموعظة بعين فاحصة ، فمن المستحيل أن تكون الموعظة الإلهية مختزله فقط في الشعائر والبعادات على أهمية تلك الشعائر والعبادات في الثقافة الإيمانية ، إلا أن الموعظة الإلهية هنا تشمل كل حركة وسكنه للإنسان في هذا الحياة ، فالفهم الشعائري للدين الإسلامي هو فهم سطحي حيث إن خاتمية الإسلام وخلوده وشموله يحتمون عقلا وجود نظام حياتي شامل في كل المجالات سواء سياسية أو اقتصادية أو حياتية وحقوقية ، فالتشريع الإسلامي فيه من المرونة ما يدير الدول في أي عصر ، ولا تعني المرونة هنا التنازل عن الأحكام والتشريعات التي وضعها الله جل جلاله ، إنما المرونة تكمن في ذات التشريعات وفي ذلك تفصيلات كثيرة لسنا في موردها .

إن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية كما الدولة العلمانية ، إلا أن لكل منهما نظرية نشأة ونظرية حكم ، فالدولة المدنية هي دولة النظام والدستور والمؤسسات ، وهذا مما يتناغم مع الفكر الإسلامي الذي يأمر بنظم الأموركما في حديث الإمام علي بن أبي طالب (ع) " الله الله في نظم أموركم "، والحريات مكفولة تماما في الدولة الإسلامية حيث أن الفكر الإسلامي يستمد من قول الله عز وجل في سورة الكافرون : " لكم دينكم ولي دين " التعددية وكذلك يقول الله عز وجل " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " وعندما نقرن تلك الآيات بأفعال الرسول الكريم (ص) نرى أنه قبل أن يتعايش مع يهود المدينة دون أن يتعرض لهم إلا حين تآمروا عليه وعلى أهل المدينة هنا وجب الدفاع عن الدين والنفس والعرض ، وهذا لا يختلف معه أي فكر وأيدلوجية .

إن إمكانية التعايش في ظل الدولة الإسلامية موجودة ن حيث يقول الإمام الباقر عليه السلام " صلاح حال الناس في التعايش والتعاشر وهو ملئ مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل " فلا يجوز الحكم على الفكر بسبب ممارسة متطرفة فالتطرف موجود في كل خندق ، فكما يتطرف الإسلاميون يتطرف العلمانيون ، وما العلمانية الأتاتوركية والعلمانية الفرنسية ببعيدة فهي متطرفة لا تقبل التعددية ، بل حتى لا تقبل الممارسات العقائدية أو الحرية الشخصية في لبس الحجاب ، إذا فالأمر منوط في المجتمع نفسه ، ففي الكويت الماضي على سبيل المثال كان كل متمسك بدينه إلا أنهم عرفوا التعايش وفنه ومارسوه ، فكان السني في حسينية الشيعي ، والشيعي في مسجد السني ، دون أن يتنازل أي واحد منهم عن دينه ومعتقده .

نأتي الآن إلى مسألة هامة جدا وهي الروح الوطنية في الفكر الإسلامي ، حيث يُتهم الإسلاميون بأن ولائهم ليس لوطنهم خصوصا إذا كانت هناك دولة دينية حسب فكرهم ، تتوجه إليهم التهم بالولاء لها إلا أن التهمة باطلة حيث أن الإنسان بعقيدة الإسلام خلق لأمرين عبادة الله جل جلاله وتعمير الأرض ، وما نحن بصدده هنا الغاية الأخرى وهي تعمير الأرض حيث يقول الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) :" عمرت الأوطان بحب البلدان " إذا إحدى غايات الخلق بعقيدة الإسلام تتحقق بحب الوطن الذي يقول عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " حب الوطن من الإيمان " ، وفي هذا الموضع يتجلى أروع تلاقي بين الإسلام والوطنية .

وأما ثاني المواضع فهي الأخلاقيات الإسلامية، فالروح الوطنية هي الدافع الرئيسي للوحدة الوطنية والتوافق بين أهل هذا البلد نحو التعايش السلمي والإسلام هو المنمي لهذه الروح الوطنية ، حيث أن أخلاقيات الإسلام حثت على التعايش السلمي حين يقول الإمام الباقر (عليه السلام) " صلاح شأن جميع الناس التعايش والتعاشر وهو مِلْءُ مِكيال : ثلثاه فطنة ، وثلثه تغافل " ، ولو نلاحظ قول الإمام الباقر (عليه السلام) لم يخص المسلمين دون غيرهم بل كان شاملا للناس كلهم وهذا يذكرنا بحديث جده الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في عهده الشهير لمالك الأشتر النخعي حين ولاه مصر فقال عن الناس : " هم صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق " .

وكذلك من الاخلاقيات الإسلامية التي تنمي الروح الوطنية هي الوفاء ، إذ أن الإنسان المسلم وفي ويرد الجميل بأحسن منه حيث يقول الباري جل جلاله في سورة الرحمن (آية 90) :" هل جزاء الاحسان الا الاحسان " ، والوطن الذي حضن الإنسان ووفر له العيش الكريم يستحق أن نكون أوفياء له وكرماء في سبيله إذ يروى عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : " من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه، و حنينه إلى أوطانه ، و حفظه قديم إخوانه " .

والوفاء هنا يقودنا إلى خلق اسلامي آخر ينمي الروح الوطنية وهو التفاني في خدمة الوطن والتضحية في سبيله في وقت المحن ، وإظهار البأس والقوة على المعتدي الآثم على ترابه ، وهكذا أخلاقيات الإسلام شملت كل ما يمكن أن يقدمه المرء لوطنه ، ليكون الإسلام هو الدافع الرئيسي إلى التحلي بالروح الوطنية ، والأيدلوجية الإسلامية حاضن لهذه الروح ، ومن هنا نقول لابد من احترام جميع التوجهات والتيارات الفكرية ، ولا يمكن احتكار الوطنية واختصارها على فئة دون أخرى ، فلكل فكر أسس ينبغي أن تحترم وتناقش بموضوعية بعيدا عن الحدية والأحكام المسبقة والثنائية في المنطق .

إن الفكر الإسلامي مستمد من القرآن وأهل القرآن وبالتالي هو من الله جل جلاله الذي هو عليم بحال الإنسان وما يصلح له وما لا يصلح ، كما أن صانع الجهاز هو الأعرف به ، الخالق أعرف بمخلوقه ، أما الفكر العلماني هو ردة فعل على الإضطهاد الكنسي الذي تمادى في ظلمه وممارساته ، فتمادى الفكر العلماني في ردة الفعل حتى قمع الحريات في عدة مواضع ذكرناها .


ملاحظة : الإختلاف الفكري لا يعني أبدا عدم احترام الطرف الآخر .
لمتابعة الحوار مع شباب منتدى الوسط اضغط هنا

أفــكــار تــوافــقــيــة

بـسم الله الرحمن الرحيم
الـسلام عليكم ورحمة الله وبـركاته


في هذه المدونة ..


ستطرح أفكار توافقية ..


من وحي التعددية ..


سنتشارك بالرأي ..


ويسمع كل منا الآخر ..


بمواضيع فكرية ..


حتى نتكامل بالإختلاف ..


فعلى الله نتوكل .. وبإسمه نبدأ