في محرم لسنا بحاجة!

في محرم .. لسنا بحاجة! 

محرم وفي عشرة الحسين الأولى من هذا الشهر الدامي ، باب عطاءٍ لا ينفد على الإنسان ، هي استجابة "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة" ، فقد جمعت كربلاء بمصيبتها وثورتها خير الدنيا والآخرة ، لذلك لم ترَ زينب (عليها السلام) كل ذلك إلا جميلاً ، ومع الأزمان تكبر كربلاء في النفوس إلى يوم العدل الإلهي على يد المنصور المؤيد من آل محمد ، وليكون هذا الموسم معطاءً على الأرواح ينبغي أن تكون صافية من الكدورات ، لذلك في محرم لسنا بحاجة ...

لسنا بحاجة إلى المزايدة على حب الحسين (عليه السلام) فلا يزايد على الناس إلا الناقص ، ففي حدود شرع الله كلٌ يبرز حبه كما يشاء ، لتُرسم لوحة العزاء بكل ألوانه..

لسنا بحاجة إلى الجدل والمراء في مصاديق الشعائر ، بل بحاجة إلى ذلك الحزن الذي يكون قنطرة إلى الفكر والنهضة ، لذا فليتعبد كلٌ بتكليفه الشرعي وليعلم أن كربلاء تسع كل حسيني..

لسنا بحاجة للتشبه بالبهائم لابراز العلقة بين المؤمن والحسين (عليه السلام) ، فالمؤمن عزيز بالحسين وآل الحسين (عليهم السلام) ، ومن نهضته يتعلم المرء كيف يكون "إنسان" يصدح بـ "هيهات منا الذلة"..

لسنا بحاجة لإجترار قضايا المقارنة العقدية والكلامية على المنابر ، فحركة الفكر اليوم بحاجة إلى تنظير أصيل يبحث في المُغيّب من كنوز تراث آل محمد ، ليُعرض العرض الحسن الذي يرتضيه جعفر بن محمد (عليه السلام)..

لسنا بحاجة إلى التراشق المنبري وتبعًا له التراشق في مواقع التواصل الإجتماعي في اختلاف الأفهام والنظرات ، لأنه لا يتوفر على شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل هو منكرٌ ينبغي تركه والنهي عنه.. 

لسنا بحاجة لتأدية فلكلور فقط في الحضور والمحاضرة ، بل بحاجة إلى التجديد في الإسلوب والطرح بما يتناسب والزمان والمكان ، للخروج بمنبر حدد شرطيه الإمام السجاد (عليه السلام) : "لله فيه رضا وللناس فيه صلاح"..

لسنا بحاجة للتركيز على الوسائل الراكزة في أذهان الناس وستبقى بإذن الله ، ولكننا بحاجة أن لا تُحال إلى غايات حين تُفرّغ من مضامينها ، فشعائر الحسين (عليه السلام) علامات داله على نهضته ، وإحياء النهضة الحسينية إحياء للإسلام..

لسنا بحاجة إلى الحديث عن الأخلاق دون أن يتمثل ذلك بوضوح في سلوك الحسيني الغيور في كل موقف ، ولنعلم أن الدعاة الصامتين خير الدعاة إلى الله تعالى..

لسنا بحاجة إلى استفزاز الآخر المخالف في الموقف والكلمة ، إنما نحن مأمورين بالعرض الحسن الجاذب للعترة الطاهرة ، وكلهم وكل أمرهم حسن..

لسنا بحاجة لنقل وقائع المآتم والعزاء على الفضائيات فتلك أمور مخصوصة لأهلها ، ولابد من وجود رؤية مدروسة لما يُبث على الفضائيات الإسلامية ، لتحصيل الأثر الإيجابي من عرض تراث آل محمد (صلى الله عليه وآله)..

لسنا بحاجة إلى طرح الكرامات دون معرفة مرامي صاحب الكرامات ، فأهل اليقين لا تزيدهم الكرامة يقينًا ، ولابد أن يقف نخبة الخطباء وقفةً تجاه ما يبث من زيف في بعض الأحيان باسم الكرامة والمقامات..

 لسنا بحاجة إلى التباري في الحضور والمنابر والخطباء ، ولابد أن نعي تكامل الإختلاف في مناهج الطرح المنبري ، ليختار الجمهور المختلف بطبيعته عن حاجته من هذه المنابر المختلفة.. 

لسنا بحاجة إلى ظواهر لا تقبلها ثقافة عاشوراء ، فالمواكب التي توزع البركة من شأن الشبان لا الفتيات ، والفصل ما بين عزاء النساء والرجال أولى ، وكل فرد له دور لا يتعداه ، فهذا هو جمال الدين وجمال عاشوراء..


نحن بحاجة أن نفهم "حسين مني وأنا من حسين" لنقتفي إثر النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وعترته الطاهرة (عليهم السلام) بالوسائل والغايات ..

ليست هناك تعليقات: