العقيدة المتزلزلة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما خلق الله عز وجل الإنسان ميزه عن سائر المخلوقات بالعقل ، ومن خلال العقل يتعبد الطريق إلى معرفة الله وتوحيده , كما بعث الله جل جلاله الأنبياء والرسل لمساندة العقل وتوجيهه إلى السراط المستقيم ، فكان التكامل بين الناتج العقلي ورسالة الانبياء والرسل حيث هي طريق الإنسان إلى العقيدة السليمة ، بعد ثبوت صدقهم عن طريق المعجزات الإلهية لجأ الأنبياء والرسل للإقناع العقلي لا التلقين في التبليغ الرسالي ، مصداقا لقول الله عز وجل في محكم كتابه الكريم : " ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن " (سورة النحل آية 125) .

ويقول تعالى في موضع آخر : " ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة " (سورة البقرة آية 129) وكذلك قال الحق جل شأنه : " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا " (سورة البقرة 269) والآيات الكريمة المذكورة مجرد نماذج على ذكر الحكمة كنعمة من الله جل جلاله ، فهناك الكثير من الآيات التي تضع نوع من التلازم بين الكتاب والحكمة ، أي أن أنبياء الله أوتوا الكتاب والحكمة .

إذا فالحكمة نعمة من نعم الله عز وجل على البشرية تلازمت مع رسالة الأنبياء ، واليوم وباسم الشريعة الإسلامية نسمع دعوة لإلغاء تدريس الفلسفة ، وما الفلسفة إلا الحكمة ، حيث دعت اللجنة العليا لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لمنع تدريس مادة الفلسفة في المرحلة الثانوية ، وعللت دعوتها بوجود مخالفات شرعية بالمنهج ، وناشدت اللجنة وضع بديل مناسب يراعي مستوى الطالب في هذه المرحلة التي تحتاج إلى تثبيت العقيدة وليس زعزعتها حسب وصف اللجنة .

الفلسفة أداة فكرية بيد الطالب يتعلمها للوصول إلى الحكمة ، فلما تحارب الفلسفة وهي تلك الحكمة المنشودة في القرآن و التي من خلالها يتم تثبيت العقيدة لا زعزتها ، فالعقيدة يقين لا يتزعزع إلا إذا كانت تلك العقيدة متزلزلة أساسا ، فمن المعيب أن تكون مناهجنا في المرحلة الثانوية مناهج حشوية تلقينيه تجعل من الطالب مجرد ذاكرة لخزن المعلومات ، بل لابد أن يكون التدريس توعوي يحرك ذهن الطالب ليستنتج الصحيح ويكون المعلم مشرف على هذه العملية ومقومها وفق الأسس العلمية .

يقول ابن رشد : " إن مثل من منع النظر في كتب الحكمة من هو أهل لها ، من أجل قوم من أراذل الناس قد يظن بهم أنهم ضلوا من قبل نظرهم فيها ، مثل من منع العطشان من شرب الماء البارد العذب حتى مات من العطش ، لأن قوما شرقوا به فماتوا ، فإن الموت عن الماء بالشرق أمر عارض وعن العطش أمر ذاتي وضروري " .


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

حجي اكتبلنا شي عن التطبير ...

فطرس - أبا فلاح

محمد حبيب المحميد يقول...

أهلا أبو فلاح ..

فيك البركة إن شاء الله ..

بومحميد